العقد على الزانية ونسب ولد الزنا

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته أفدني فإني في حيرة والأمر لا يحتمل أكثر من ذلك وإني أذكرك بقول حبيبك محمد صلي الله عليه وسلم من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار أو كما قال، وأن الله أخذ العهد والميثاق على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه

وسؤالي هو: رجل زنى بامرأة هو وأحد أرحامه (على الضبط هو خاله ) فأفقد البنت عذريتها وحملت فلما أحس بالذنب عقد عليها وهو الآن في حيرة السؤال هل العقد صحيح أم لا وإن لم يكن صحيحا فما العمل

ثانيا : هو لا يعلم الذي كان في رحم الفتاة منه أم من خاله وهو الآن أنجب منها ثلاثة أطفال و والله إنه الآن وكأني أراه يتقلب علي الجمر من الهم الذي ركبه، و والله إنه لقد ذبل حتي إني أراه علي وشك الموت من الإحساس بالذنب وكلما توجه إلى شيخ تهرب منه وقرّعه و وبخه أشد ما يكون

أستحلفك بالله الغظيم أن تفتيه إن كان عندك علم وإلا طار عقل الرجل!!

الحل
بسم الله ، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد.

[b]فالعقد على من حملت سفاحا صحيح في أرجح قولي العلماء ، ووقع الخلاف في صحة نسب ولد الزنا إذا استلحقه الزاني ، فجمهور الفقهاء على أن ماء الزنا هدر لا يثبت به نسب، والذي رجحه المحققون من أهل العلم أن ولد الزنا يلحق نسبه بالزاني إذا لم ينازعه فيه أحد وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيميه ورجحه تلميذه ابن القيم ، وهو مذهب الإمام أبو حنيفة والحسن البصري ، ومحمد ابن سيرين ، ومن الفقهاء المعاصرين العلامة الدكتور القرضاوي.

يقول فضيلة الأستاذ الدكتور صلاح الصاوي –أمين عام مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية-:

الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ونذكر صاحب هذه النازلة بقول الله جل وعلا:

(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( ]سورة الزمر آية 53[.

أما عقده عليها فهو صحيح في أرجح قولي العلماء، أما الولد فقد وقع خلاف بين أهل العلم في ثبوت نسب ولد الزنا ، والكثرة الكاثرة منهم على أن ماء الزنا هدر لا يثبت به نسب لحديث : (الولد للفراش وللعاهر الحجر)[1].
ومنهم من قال إنه يثبت نسب ولد الزنا إذا استلحقه الزاني ولم ينازعه في ذلك أحد ؛ لأن مورد الحديث كان في التنازع حول نسب مولود ولدته أمه وقد كانت فراشا شرعيا لسيدها وتنازع فيه الزاني وصاحب الفراش فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن الولد لصاحب الفراش.

أما إذا لم تكن أمه فراشا شرعيا لأحد فقد ذهب إسحاق بن راهويه إلى أن المولود من الزنى إذا لم يكن مولوداً على فراش يدعيه صاحبه، وادعاه الزاني ألحق به، وأوّل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الولد للفراش ) على أنه حكم بذلك عند تنازع الزاني وصاحب الفراش.
قال ابن القيم– بعد أن ذكر هذا –: وهذا مذهب الحسن البصري، رواه عنه إسحاق بن راهويه بإسناده فى رجل زنا بامرأة، فولدت ولداً فادعى ولدها، فقال يجلد ويلزمه الولد، وهذا مذهب عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، ذكر عنهما أنهما قالا أيما رجل أتى إلى غلام يزعم أنه ابن له، وأنه زنى بأمه، ولم يدع ذلك الغلام أحد فهو ابنه، واحتج سليمان بن يسار بأن عمر بن الخطاب كان يليط أي يلحق أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام( [2])[2].
وهذا الرأي أيضاً يراه محمد بن سيرين، وشيخ الإسلام ابن تيمية[3]. ورجحه تلميذه ابن القيم، وروى على بن عاصم عن أبي حنيفة أنه قال، لا أرى بأساً إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه، أن يتزوجها مع حملها، ويستر عليها، والولد ولد له[4].
فالذي نرجحه هنا أنه لا بأس بنسبة الولد إلى من زنا بأمِّ هذا الولد إذا لم ينازعه في ذلك الولد أحد،، ونضيف هنا بخصوص هذه النازلة نظرًا لتعاقب السائل وغيره على هذه المرأة : أنه بوسعه اللجوء إلى التحاليل الطبية والوسائل العلمية للتحقق من نفي النسب عن الآخر، راحة لضميره ودفعا للوساوس عن نفسه، والخبراء يقولون إن نتيجة التحاليل في النفي قاطعة لم يسجل فيها خطأ قط، وأسأل الله أن يتقبل توبتك وأن يجعل آلامك كفارة لك.

والله أعلم.